الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: عيون الأخبار ***
لعبد الله بن عمر عن أصناف الفار حدّثني يزيد بن عمرو قال. حدّثنا عبد الله بن الربيع قال: أخبرنا هشام بن عبد الله عن قتادة عن عبد الله بن عمرو أنه قال: الفأرة يهودية ولو سقيتهم ألبان الإبل ما شربتهم، والفار أصناف: منهن الزباب وهو أصم. شعر للحارث بن حلزة قال الحارث بن حلزة: وهم زبـاب حـائر *** لا تسمح الآذان رعدا والخلد وهو أعمى؛ وتقول العرب: هو"أسرق من زبابة"وفأرة البيش، والبيش سم قاتل؛ ويقال: هو قرون السنبل، وله فأرة تغتذيه لا تأكل غيره، ومن غير هذا فأرة المسك وفارة الإبل أفاحت أرواحهم إذا عرقت. قالوا: ومن الحيات ما يقتل ولا يخطئ: الثعبان والأفعى والهندية؛ فأما سوى هذه فإنما يقتل بما يمده من الفزع، لأنه إذا فزع تفتحت منافسه فوغل السم إلى مواضع الصميم وعمق البدن، فإن نهشت النائم والمغمى عليه والطفل الصغير والمجنون الذي لا يعقل لم تقتل. وأذناب الأفاعي تقطع فتهبت ونابهم يقطع بالعكاز فينبت حتى يعود في ثلاث ليال؛ والحية إن ننفث في فيهم حماض الأترج وأطبق لحيها الأعلى على الأسفل لم تقتل بعضتها أيامًا صالحة."ومن الناس من يبصق في فم الحية فيقتلها بريقه. والحيات تكره ريح السذاب والشيح، وتعجب باللفاح؛ والبطيخ والحرف والخردل الموخف واللبن والخمر، وليس في الأرض حيوان أصبر على جوع من حية؛ ثم الضب بعدها فإذا هرمت صغرت في بدنها وأقنعها النسيم ولم تشته الطعام، ولذلك قال الراجز حارية قد صغرت من الكبر لصاحب الفلاحة في الحية وقال صاحب الفلاحة. إن الحية إن ضربتهم بقصبة مرة أوهنتهم القصبة في تلك الضربة وحيرتهم، فإن ألحت عليهم بالضرب انسابت ولم تكترث. ما يعالج بن الملسوع قال. ومن جيد ما يعالج به الملسوع أن يشق بطن الضفددع ثم يرفد به موضع لسعة العقرب. في الضفاع والضفدع لا يصيح حتى يدخل حنكه الأسفل في الماء، فإذا صار في فيه بعض الماء صاح، ولذلك لا تسمع للضفادع نقيقًا إذا خرجن من الماء، قال الراجز: يدخل في الأشداق ماءً ينصفه *** حتى ينق والنقيق يتـلـفـه يريد أن النقيق يدل عليه حية البحر، كما قال الآخر: ضفاع في ظلماء ليلٍ تجاوبت *** فدل عليهما صوتها حية البحر وقال في السبخ: إنه إن انخرق فيه خرق بمقدار منخر الثور حتى تدخله الريح استحال ذلك السبخ ضفادع. والضفادع لا عظام لها، ويضرب بها المثل في الرسح؛ فيقال: "أرسح من ضفدع"و"أجحظ عينا من ضفدع". قالوا: وكل شيء يأكل فهو يحرك فكه الأسفل إلا التمساح فإنه يحرك فكه الأعلى. سمك الرعاد في مصر من صاد منه سمكة لم تزل يده ترعد وتنتفض ما دام في شبكته أو شصه. والجعل،إذا دفنته في الورد سكنت حركته حتى يتوهم من رآه قد مات، فإذا أعدته إلى الروث تحرك ورجع في حسه. والعير إذا ابتلع في علفه خنفساء قتلته إن وصلت إلى جوفه حية. وأطول شيء ذماء الخنفساء فإنها يسرج على ظهرها فتصبر وتمشي. والضب يذبح فيمكث ليلة ثم يقرب من النار فيتحرك. والأفعى إذا ذبحت تبقى أيامًا تتحرك وإن وطئها واطئ نهشته، ويقطع ثلثها الأسفل فتعيش وينبت ذلك المقطوع. والكلب والخنزير يجرحان الجرح القاتل فيعيشان. قالوا: وللضب ذكران وللضبة حران، خبرني بذلك سهل عن الأصمعي أو غيره. قال: ويقال لذكره نزك وأنشد: سبحل له نزكان كانا فـضـيلة *** على كل حافٍ في البلاد وناعل وكذلك الحردون. والذبان لا تقرب قدرًا فيهم كمأة. وسام أبرص لا يدخل بيتًا فيه زعفران. ومن عضه الكلب الكلب احتاج إلى أن يستر وجهه من الذباب لئلا يسقط عليه. وخرطوم الذباب يده، ومنه يغني، وفيه يجري الصوت كما يجري الزافر الصوت في القصبة بالنفخ. قالوا: ليس شيء يذخر إلا الإنسان والنملة والفأرة. والذرة اتذخر في الصيف للشتاء فإذا خافت العَفَن على الحبوب أخرجتها إلى ظاهِر الأرض فشَرًرَتْها، وأكثرُ ما تَفعلُ ذلك ليلًا في القمر. فإن خافت أن ينبتَ الحب نقرت وسط الحبة لئلا تنبتَ. والسلَحْفَاة إذا أكلت أفْعى أكلت سَعْتَرا جَبَليًا. وابنُ عِرْسٍ إذا قاتل الحيةَ أكل السذَابَ. والكلاب إذا كان في أجوافها عود أكلت سُنبلَ القَمح. والأيِّلُ إذا نهشته الحيةُ أكل السراطين. لابن ماسويه قال ابن ماسويه: فلذلك يُظنّ أن السراطينَ صالحة لمن نُهِشَ من الناس. والوَزَع، يُزاقُّ الحياتِ ويُقارِبُها، ويَكرع في اللبن والمَرَق ثم يَمُخع في الإناء، وأهلُ السجن يعملون من الوزع سمًّا أنفذَ من سم البِيش ومن ريق الأفاعي، وذلك أنهم يُدخلون الوزعَة قارورةً ثم يَصبون فيها من الزيت ما يغمُرها ويضعونها في الشمس أربعين يومًا حتى تتهرّأ في الزيت، فإن مُسِحَتْ على اللُّقمةِ منه مَسحةٌ وأكله آكل مات من يومه. والجرادُ إذا طَلع فعُمِدَ إلى التُرْمُس والحَنظَل فطبِخا بماء ثم نُضحَ ذلك الماءُ على زرع تنكّبه الجرادُ. وإذا زُرع خَرْدَل في نواحي زرع نجا من الدَبَى. وإذا أخذ المُرْدَاسَنْجً فعُجِن بعجين ثم طُرح للفأر فأكلته مُوّتن عنه، وكذلك بُرايةُ الحديد. وإذا أخِذ الأفْيون والشُّونِيز والبارد وقرنُ الأيل وبَابُونَج وظِلفٌ من أظلاف المعز فَخُلِط لك جميعًا ثم دقّ وعُجِن بخل عتيق ثم قُطِعَ قطعًا فدُخن بقطعة منه نفرت لذلك الحيّاتُ الهوامُّ والنملُ والعقاربُ، وإن أحرِقَ منه شيء ودُخَن به هرب ما وجَدَ منها تلك الريحَ. والنملُ تهرُبُ من دُخَان أصول الحَنْظَل. في ما يقتل النمل وإن عُمِدَ إلى كبريت وسَذَابٍ وخَرْبقٍ فَحُق ذلك جميعًا وطُرِحَ في قرية النمل قتلها ومنعها ظهورهن من ذلك الموضع ذهبن. في طرد البعوض والبعوضُ تهرُب من دخان القَلْقَدِيس إذا دُخن به ومعه حبُّ السوس، وتهرُب من دخان الكبريت والعِلْك. منافع لحم الحيوان وقالت الأطباء: لحمُ ابنِ عرس نافعٌ من الصرْع. ولحمُ القُنفذ نافع من الجُذام والسل والتشنُج ووجع الكُلَى، يُجففُ وُيشرب ويُطعَمُه العليلُ مطبوخًا ومشو ويُضمدُ به المتشنج. والعقرب إذا شُقَّ بطنُها ثم شُد على موضع اللسعة نفعت. وقد تجعل في جوف فَخار مشدود الرأس مُطَين الجوانب ثم يوضع الفخّارُ في تَنُّور، فإذا صارت العقربُ رَمادًا سُقيَ منْ ذلك الرمادِ مَن به الحصاة مقدارَ نصف دانق وأكثر فيُفَتَت الحصاةَ من غير أن يضر بشيء مم سائر الأعضاء والأخلاط وقد تَلسعُ العقربُ مَنْ به حُمَّى عتيقة فتقلعُ؛ وتلسعُ المفلوجَ فيذهبُ عنه الفالِجِ، وتلقى في الدهن وتُترك فيه حتى يأخذَ الدُهنُ منها ويَجتذبَ قُواها فيكون ذلك الدُّهْنُ مُفرقًا للأورام الغليظة. من طبع العقرب ومن طبع العقرب أنك إن ألقيتها في ماء غَمْرٍ بقيت في وسط الماء لا تَطفو ولا تَرسُبُ؛ وهي من الحيوان الذي لا يَسبَحُ. وعينُ الجرادة وعينُ الأفعى لا تَدورانِ. وإنما تَنْسُجُ من العناكب الأنثى، والذكر هو الخدْرَنُق. وولد العنكبوت يَنسُجُ ساعةَ يولدُ. والقَمْلُ يُخلق في الرؤوس على لون الشعر إن كان أسودَ أو أبيضَ أو مخضوبًا بالحِنّاء. الحُلْكاءُ دُوَيبَّة تغوص في الرمل كما يغوص طائرُ الماء في الماء. وبناتُ النّقا كذلك، وهي التي يُقال لها: شحمةُ الأرض. وأم حُبَيْنٍ لا تُقيمُ بمكان تكون فيه السرْفَةُ، والسّرفةُ دويَبَة يُضربُ بها المثلُ في الصّنعة فيقال: "أصْنَعُ مِنْ سُرْفَةٍ". شعر لأعرابية في أفعى ومن أحسنِ ما قيل في الأفعى قول امرأة من الأعراب: خُلِقَتْ لَهَازِمُه عِـزِينَ وراسـهُ *** كالقُرْص فُرْطِحَ من دقيقِ شعيرِ وكأن مَلْـقـاهُ بـكـلّ تَـنُـوفَةٍ *** مَلقاكَ كفَّةَ مِنْجَـلٍِ مـأطـور وُيدير عينًا للـوِقـاع كـأنـهـا *** سمراءُ طاحت من نفِيض بَريرِ لماسرجويه وقد سُئل عن السموم وعلاجها قيل لماسرجويه: نَجدُ ملسوعَ العقرب يُعالجَ بالاسفيوش فينفعه، وآخر يُعالج بالبندق فينفعه، وآخر يَشربُ الأنقاس فتنفعه، وآخر يأكلُ التفاحَ الحامضَ فينفعًه، وآخر يَطليه بالقِلْي والخل فيحمَدُه، وآخر يَعْصِبُ عليه الثومَ الحارَّ المطبوخَ، وآخر يُدخِلُ يده في مِرْجَلٍ حار لا ماء يه فيحَمدُه، وآخر يعالج بالنُّخَالة الحارّة فيحمدَها، وآخر يَحجِمُ ذلك الموضعَ فيحمَده، ثم رأيناه يتعالج بعدُ بذلك الشيءِ للسعة أخرى فلا يحمده! فقال: لما اختلفت السّمومُ في أنفسها بالجنس والقدر والزمان، وباختلاف ما لاقاه اختلفَ الذي يوافقه على حسب اختلافه. قالوا: وأشدّ ما تكون لسعتُها إذا خرج الإنسانُ من الحمّام، لتفتّح المنافس وسَعَةِ المجاري وسُخُونة البدن. لأي بكر البحري وحدّثني أبو حاتم عن الأصمعيَ قال: قال أبو بكر البحريّ: ما من شيء يضرّ إلا يحمل منفعة. لبعض الأطباء وقيل لبعض الأطباء: إن قائلًا قال: أنا مثلُ العقرب أضُر ولا أنفعُ. فقال: ما أقلّ علمه بها،"إنها لتنفع إذا شُقّ بطنُها ثم شُئت على موضع اللّسعة؛ وقد تجعل في جوف فخار مشدود الرأس مُطيّن الجوانب ثم يُوضع الفخار في تَنُور فإذا صارت العقربُ رَمادًا سُقِيَ من الرمادِ مقدارَ نصف دانق أو أكثر قليلًا مَنْ به الحصاةُ ففتّها من غير أن يضر بشيء من سائر الأعضاء والأخلاط. وقد تَلسعُ العقربُ مَن به الحمَى العتيقةُ فتُقلِعُ عنه. ولَسعتِ العقرب رجلًا مفلوجًا فذهب عنه الفالج. وقد تُلقَى العقربُ في الدهن وتترك فيه حتى يأخذَ الدهنُ منها ويَجتذبَ قواها فيكون ذلك الدهنُ مُفرقًا للأورام الغليظة. بين أعرابي لسعته عقرب وبعض الناس قال أبو عبيدة: ولَسعت أعرابيًا عقرب بالبصرة، وخِيفَ عليه فاشتد جزعُه، فقال بعض الناس له: ليس شي خيرًا مِنْ أن تُغْسَلَ له خُصِيةُ زِنجي عَرِقَ ففعلوا، وكان ذاك في ليلَةٍ ومدة، فلما سَقَوْه قَطَب؛ فقيل له: طعمَ ماذا تَجِدُ؟ قال: أجدُ طعمَ قِرْبَةٍ جديدةٍ. بين المأمون وسلمويه وبختيشوع وابن ماسويه قال المأمون: قال لي بَخْتِيَشُوع وسلمويه وابن ماسويه: إن الذباب إذا دلِكَ على موضع لسعة الزُّنبور هَدَأ وسكن الألمُ، فلسعني زُنبور فحككتُ على موضعه أكثر من عشرين ذبابة سكن الألمُ إلا في قدر الزمان الني كان يسكن فيه من غير علاج، فلم يبقَ في يدي منهم إلا أن يقولوا: كان هذا الزنبورُ حنقًا غاضبًا، ولولا ذلك العلاجُ قتلَك. قالوا: ومما ينفع من اللسعة أن يُصيروا على موضعها قطعةَ رَصاصٍ رقيقةً وتُشد عليه أيامًا. وقد يُمَوهُ بهذا قوم فيجعلونه خاتَمًا فيدفعونه إلى الملسوع إذا نُهِشَ في إصبعه. لمحمد بن الجَهْم قال محمد بن الجَهْم: لا تتهاونوا بكثير مما تَرَوْن من علاج العجائز، فإن كثيرًا منه وقع إليهن من قدماء الأطباء، كالذبان يلقَى في الإثمدِ فيسحقُ معه، فيزيدُ ذلك في نور البصر، النظر وتشديدِ مراكز الشعر في حافات الجفون. قال: وفي أمة من الأمم قومٌ يأكلون الذَبانَ فلا يرمَدون، وليس لذلك يأكلونه، ولكن كما يأكل غيرهم فراخ الزنانير. لابن ماسويه في علاج لسع العقرب وقال ابن ماسوِيه: المجرًبُ للسع العقرب أن يُسقَى من الزًراوَند المدحرج ويُشربَ عليه ماء بارد، ويُمضغ ويوضعَ على اللسعة. قال: وللسع الأفاعي والحيّات ورقُ الاس الرطب يُعْصَرُ ويُسقَى من مائه قدرَ نصف رطل، وكذلك ماء المَرْزَنْجُوش وماء ورق التفاح المدقوق والمعصور مع المطبوخ، ويُضمد الموضعُ بورق التفاح المدقوق. وللأدوية والسموم القاتلة البندق والتين والسذابُ يُطعم ذلك العليلُ.
قال: والثُّوم والملح وبَعْر الغنم نافع جدًّا إذا وُضِعَ على موضع لسعة الحية إلا أن تكون اصَلةً، فإن الأصَلَةَ تُوضعُ على لسعها الكُلْيتان جميعًا بالزيت والعسل. والخِطمي إذا أخِذَ ورقُه فلُق ثم وُضع على لسع قَملة النّسر كان دواء له. وإن طَلَى أحد به يديه أو جسده لم يَلدغْ ذلك الموضعَ منه زُنْبور. وإن لَدغَ أحدًا زنبورٌ فآذاه فشرب من مائه نفعه. والبشكول وهو الطرشَقوقُ إن دُق فضُمد به لسعةُ العقرب نفع إذا أغلي أو شُرِب من عصيره. قالوا: وإن أخَذَ مَنْ حذَر على نفسه السمومَ التينَ مع الشُّونِيز على الريق وَقاه. لكُليب أبي وائل حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قال: حدثنا قريشُ بن أنس عن كُلَيْب ابن وائل رجل من المُطَّوٌعة قال: رأيت ببلاد الهند شجرًا له ورد أحمر مكتوب فيه ببياض"محمد رسول الله". والعرب تقول في مثل هذا هو"أشكرَ من البَرْوَقَة"، وهو نبت ضعيف ينبت بالغيم. ويزعم قوم أن النارَجيلَ هو نخل المُقْل قَلبه طِباعُ البلد. لصاحب الفلاحة في الكرنب والكَرْم وقال صاحب الفلاحة: بين الكُرْنب وبين الكَرْم عداوة، فإذا زُرعَ الكرنب بحضرة الكَرم ذَبَلَ أحدهما وتشنج، ولذلك يُبطىء السُّكْرُ عمن أكل منه ورقاتٍ على ريق النفس ثم شرب. وقُضبان الرمان إذا ضُرِبَ بها ظهرُ رجل اشتد عليه الألم. وقالوا: وكل زَهر ونَوْرٍ فإنه ينحرفُ مع الشمس وُيحوَل إليها وجهَه؛ ولذلك يقال: يُضاحِكُ الشمسَ. للأعشى قال الأعشى: ما روضَةٌ من رياض الحَزْنِ مُعشِبةٌ *** خضراءُ جَادَ عليها مُسْبِلٌ هَـطِـل يُضاحكُ الشمسَ منها كوكبٌ شَـرِقٌ *** مُؤَزَز بِعَميم النَبـتِ مُـكْـتَـهِـلُ وقال آخر: فَنُوَّارُه مِيلٌ إلى الشمس زَاهِرُه والخُبًازَي يَنضمُّ ورقُهً بالليل ويَنفتِحُ بالنهار. والنًيلُوفَرُ يَنبتُ في الماء فيغيب الليلَ كلّه ويظهرُ إذا طلعتِ الشمسُ. في الطحلب وقالوا في الطحلُب: إن اخذ فجُفِّفَ في الظل ثم سقطَ في النار لم يَحترِق. وذكروا أن قَسًّا راهنَ على صليب في عنقه من خشب أنه لا يَحترق، وقال: هو من العود، الذي صًلِبَ عليه المسيحُ، فكاد يَفتِنُ بذلك خَلْقًا حتى فَطِنَ له بعضُ أهل النظر فأتاهم بقطعة، تكون بكرِمانَ فكان أبقى على النار منِ صليبه. والطلَقُ كذلك لا يصير جمرًا. وطِلاءُ النفاطين طَلَقٌ وخِطْمِي ومَغرَةٌ. وقالوا: إذا أخِذَ بِزرُ السذاب البريّ وزُرع وطال به ذلك تَحوّل حرملًا، والنّمامُ إذا أعتَقَ تحول حبقًا. قالوا: والقُسْطُ إنما هو جَزَر بحريّ. قالوا: بالسند نبتٌ من الحشيش يُسمّى تِرِيَّةً، إذا أخذ فطُبخ ثم صُفِّي ماؤه فجُعِلَ في وِعاء لم يلبَث إلا يسيرًا حتى يشتد ويسكِر شاربَه إسكارَ الخمر. لصاحب الفلاحة في إفساد البقل والرمان قال صاحب الفلاحة: من أراد أن يضرّ بمَبْقَلَةٍ عَمَد إلى شيء من خُرء البَط فخلط به كل من ملح ثم طُرِحَا في ماءٍ فدِيفَا فيه فيُنضَحُ ذلك الماءُ على البقل فإنه يَفْسُدُ. قال: ومن أراد إفسادَ الرمان الكثير ألقى في أضعافه نوَىَ التمر والملح والجرِيش. ومن أراد قتلَ السمك في الماء القائم عَمَد إلى نبت يسمى"ما هِي زهره"فدُقّ وطُرِحَ في الماء فإنه يموت سمكُ ذلك الماءَ؛ والمازريون يفعل ذلك. قال: ومما يَجِص له الشجر أن يُعمَد إلى مِسمار من حديد فيُحمَى بالنار حتى تشتدّ حُمرته ثم يدَقّ في أصل الشجرة، وأن يُعْمَد إلى وتد من طَرْفاءَ فيُثقَبَ أصل الشجرة بِمثقَب حديد يُجَعلَ ذلك العودُ على قدر الثقب في المِثقَب فتجفّ الشجرةُ إن كان غِلظُ العودُ على قدر الثقب. لماسرجويه في أن النظر إلى الخضرة فضائل قيل لماسرجويه: ما بالُ الأكَرَةِ وسُكَانِ البساتينِ مع أكلهم الكُراثَ والتمرَ وشُربِهم الحار على السّمكِ المالح أقل عُميانًا وعُورَانًا وعُمشَانًا؟ قال: فكَّرتُ في ذلك فلم أجهدْ عِلّةً طولَ وُقوع أبصارهم على الخضرة. لأرسطاطاليس قال أرسطاطاليس: حَجرُ سنقيلا إذا رُبط على بطن صاحب الاستسقاء نَشَفَ منه الماءَ والدليل على ذلك أنه يوزن بعد أن كان على بطنه فيوجدُ قد زاد في وزنه؛ وذاكرتُ بهذا رجلًا من علماء الأطبّاء فعرفه، وقال: هذا الحجر مذكور في التوراة. وحجر المغناطيس يَجذِبُ الحديدَ من بُعْدٍ وإذا وُضِعَ عليه عَلقَه، فإن دُلِكَ بالثُوم بطلَ عملُه. قالوا: والرّمادُ ؤالقِلْيُ يُدبران فيستحِيلان حجارةً سُودًا تَصلحُ للأرجاء. ومِن الحجارة حصاةٌ في صورة النواة تَسبَحُ في الخل كأنها سمكة. ومنها خَرَزَة العُقْر إن كانت في حَقْو المرأة فلا تَحْبَلُ. وحجر يُوضع على حرف التنور فيتساقط خبزُ التنور كله. وبمصر حجر مَنْ قَبضَ عليه بِجمبع كَفيهِ فأكل شيئًا في جوفه فإن هو لم يَنْبُذْه من كفه خِيفَ عليه. ومن الحجارة النَشفُ، ليس شيء من الحجارة يَطْفُو على الماء غيره وفيه حُفَر صِغَارٌ. قالوا: الرصاص قد يدبرُ فيستحيلُ مُرْدَاسَنْجًا. وإقليمياء النحاس يدبر فيصيرُ تُوتِياء. وحجر البازَهْر يُفرًقُ الأورام. الشب اليماني وباليمن جبل يقطر منه ماء، فإذا صار إلى الأرض ويَبِسَ استحال وصار شبًا، وهو هذا الشب اليماني. للأصمعي في أشياء لا تكون إلا باليمن حدّثنا الرياشي عن الأصمعي قال: أربعةُ أشياءَ قد ملأتِ الدنيا لا تكون إلا باليمن: الوَرْسُ والكُنْدُرُ والخِطْرُ والعَصْب. وبمصرحجر تُحركه فسمعُ في جوفه شيئًا يَتقلقلُ كالنواة. بين شريح ورجلين اختصما إليه حدثني شيخ لنا عن علي بن عاصم عن خالد الحَذَّاء عن محمد بن سيرين قال: اختصم رجلان إلى شُرَيْح، فقال أحدُهما: إني استودعتُ هذا وديعةً فأبى أن يدردها عليّ. فقال له شريح: رُدَ على هذا الرجل وديعَته. قال: يا أبا أميةَ، إنه حجر إذا رأته الحُبْلَى ألقتْ ولدَها وإذا وَقَع في الخل غَلَى، وإذا وُضِع في التنُور بَرَدَ فسكتَ شرَيحٌ ولم يَقُلْ شيئًا حتى قاما. قالوا: الشياطينُ مَرَدةُ الجن، والجان ضَعَفةُ الجن. لمجاهد عن إبليس وبلغني عن يحيى بن آدم عن شَرِيكٍ عن لَيْث عنِ مُجاهد قال: قال - يعني إبليس عليه لعنة الله -: أعطِينَا أنا نَرَى ولا نُرَى، وأنا ندخُل تحت الثَرَى، وأن شيخنا يُرَدّ فَتىً. بين عبدالله بن الزبير ورجل من الجن حدّثنا عبد الرحمن عن عمه قال: حدّثني يَعْلَى بن عُقْبة - شيِخ من أهل المدينة مولًى لآل الزُّبَير -: أن عبد الله بن الزبير باتَ بالقَفْر، فقام ليَرْحَلَ فوجدَ رجلًا طُوله شِبرانِ عظيمَ اللحية على الوَلِيّة، فنفَضَها فوقع ثم وضَعَها على الراحلة، وجاء وهو بين الشَرْخَينِ، فنفضَ الرحلَ ثم شده، وأخذ السوطَ ثم أتاه، فقال: مَنْ أنتَ؟ قال: أنا أزَبُ. قال: وما أزَت؟ قال: رجلٌ من الجن. قال: افتح فاك أنظر. ففتح فاه، قال: أهكذا حُلوقُكُم! لقد شُوًه حُلوقُكمُ! ثم قَلَبَ السوطَ فوضعه في رأس أزَب حتى شقه. بين بنت عوف بن عفراء ورجل من الجن ثم بينها وبين عائشة رضي الله عنها حدثني خالد بن محمد الأزدي قال: حدثنا عمر بن يونس قال: حدثنا عِكرِمة بن عفار قال: حدثنا إسحاق بن أبي طلحة الأنصاري قال: حدثني أنس بن مالك قال: كانت بنتُ عوف ابن عفراء مُضطجِعَةً في بيتها قائلة إذا استيقظَتْ وزنجي على صدرها آخذًا بحلقها، قالت: فأمسكَني ما شاء الله وأنا حينثذ قد حَرُمَتْ علي الصلاةُ، فبينا أنا كذلك نظرتُ إلى سقف البيت يَنْفَرِج، حتى نظرتُ إلى السماء فإذا صحيفة صفراء تَهِوي بين السماء والأرض حتى وقَعتْ على صدري، فنشرها وأرسل حَلقي فقرأها، فإذا فيها: من رَبّ لُكَيزٍ إلى لُكيزٍ، اجتنب ابنةَ العبد الصالح إنه لا سبيل لك عليها. ثم ضرب بيده على ركبتي وقال: لولا هذه الصحيفةُ لكان دم، أي لذبحتُكِ؛ فاسودتْ ركبتي حتى صارت مثلَ رأس الشاة، فأتيت عائشة. فذكرت لها ذلك؛ فقالت لي: يا بنة أخي، إذا حِضتِ فألزِمي عليك ثيابكِ فإنه لا سبيل له عليكِ إن شاء الله. فحفظها اللّه بأبيها وكان استُشهِدَ يوم بدر. بين عجوز وجني أبو يعقوب الثقفيّ عن عبد الملك بن عُمير عن الشّعْبيّ عن زياد بن النضر أن عجوزًا سألت جِنّيًّا فقالت: إن بنتي عَروسٌ وقد تمرط شَعَرُها من حمَى رِبْع بها، فهل عندكَ دواء؟ فقال: اعْمدِي إلى ذُباب الماء الطويل القوائم الذي يكون بأفواه الأنهار فاجعليه في سبعة ألوان من العِهْنِ: أصفرَ وأحمرَ وأخضرَ وأزرقَ وأبيضَ وأسودَ وأغبرَ، ثم اجعليه في وسطه وافتِلِيه بأصبعك هكذا ثم اعقِديه على عَضُدها اليسرى، ففعلَتْ فكأنّها النشِطَتْ من عِقَالٍ. لمحمد بن مسلم الطائفي حدّثني أبو حاتم عن الأصمعي قال: أخبرني محمد بن مسلم الطائفيّ في حديث ذكره أن الشياطين لا تستطيعُ أن تغيَرَ خَلْقَها ولكنها تُسَخرُ. وللنهاس بن قهم، ولغيره وقال الأصمعي: حدّثنا أبو عمرو بن العلاء قال: حدثنا النفاسُ بن قَهْم قال: دخلتُ مِرْبَدًا لنا فإذا فيه شيء كالعَجوْل له قرنان وله رِيشٌ ينظرُ إليٌ كأنه شيطان. حدثنا عبد الرحمن بن عبدالله عن عمه قال: سَمِع رجلٌ بأرض ليس بها أحدٌ قائلًا من تحته يقول: مَنْ يُحرك شُعَيراتِي؟ ذاك مَقِيلي، وظِل مَظَفي، حاشا الغزيل وعبد الملك وجمعهِ الأدْم، وكانوا يَرَوْن أن الأصمعي سمع هذا، وذاك أنه كان في آخر عمره وقد أصابه مَسٌ ثم ذهب عنه. بين عُمير بن ضبيعة وصاحب له وجني حدّثني سهل بن محمد عن الأصمعي قال: أخبرنا عمر بن الهيثم عن عُمَير بن ضبَيْعة قال: بينا أنا أسيرُ في فلاةٍ أنا وابن ظبيانَ - أو رفيق له آخر ذكره - عَرَضتْ لنا عجوز - كذا سمعته يقول، إن شاء الله - أو شيخ - ورأيتُ في كتاب محمدٍ ابنه - وصبي يبكي؛ فقال: إني مُنْقَطَعٌ بي في هذه الفلاة فلو تحمّلتماني! فقال صاحبُ عمير: لو أردفتَه! فحمله خلفَه، فمكثنا ساعة فنظم في وجه عمير وتنفّس فخرج مِنْ فِيهِ نارٌ مثلُ نار الأتون فأخذَ له عميرٌ السيفَ؟ فبكى وقال: ما تُرِيدُ منّي؟ فكفّ عنه ولم يُعْلِم صاحبَه بما رأى؛ فمكث هنيهةً ثم عاد، فأخذ له السيفَ؛ فبكى وقال: ما تريد مني؟ وبكى؛ فتركه ولم يعْلِم صاحبه؛ ثم عاد الثالثةَ ففغر في وجهه؛ فحمل عليه بالسيف؛ فلما رأى الجدَ وثبَ وقال: قاتَلكَ اللُه ما أشد قلبَك! ما فَعلتُه قطّ في وجه رجل إلا ذهب عقلُه. بين النبي صلى الله عليه وسلم وأبو أيوب الأنصاري والغول بلغني عن محمد بن عبد الله الأسديّ عن سفيان عن ابن أبي ليلى عن أخيه عن عبد الرحمن عن أبي أيوب الأنصاري أنه كان في سَفْرَة له وكانت الغولُ تجيء، فشكاها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إذا رأيتَها فقُل باسم اللِه أجيبي رسولَ الله"فجاءت فقال لها ذلك، فأخذها فقالت: لا أعودة فأرسلها فقال له النبي عليه السلام: "ما فَعل أسيرك"فأخبره؛ فقال: "إنها عائدة"ففعلتْ ذلك مرتين أو ثلاثًا، وقالت في آخرها: أرسِلْني وأعلَمك شيئًا تقوله فلا يضرّك شيء: آيةَ الكرسيّ. فأتى النبي عليه السلام فأخبره؛ فقال: "صَدَقَتْ وهي كذُوبٌ". بين عمر بن عبد العزيز وعامل عمان في شأن ساحرة حدّثني زيدُ بن أخزَمَ قال: حدثنا عبد الصمد عن همام عن يحيى بن أبي كثير أن عامل عُمَانَ كتب إلى عمرَ بن عبد العزيز: إنا أتِينَا بساحرة فألقيناها في الماء فطَفَتْ؛ فكتب إليه عمرُ لَسْنَا من الماءِ في شيء، إن قامتِ البينةُ وإلا فَخَل عنها. للنيي صلى الله عليه وسلم حدثني يزيد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا ابن جُريج عن ابن أبي الحسين المكي قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "نعِمَتِ الذخْنةُ اللبانُ واللُبانً دُخنةً الأنبياءِ ولن يَدخُلَ بيتًا خن فيه بِلُبَانٍ ساحِر ولا كاهِن". بين سفيان بن عيينة وأعرابية حدثني عبدالله بن أبي سعيد قال: حدثني عبدالله بن مروان بن معاوية من ولد أسماء بن خارجةَ قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: سمعتُ أعرابيةً تقول: من يشتري مني الحَزَأ؟ فقلتُ: وما الحزأ؟ قالت: يشتريه أكايسُ النساء للطَّشة والخافية والإقلاتِ. قال عبد الله: سألتُ ابن مُنَاذِرٍ فقال: الطَّشةُ: شيء يُصيبُ الصبيانَ كالزُّكام. والخافيةُ: الجن. والإقلاتُ: قِلةُ الولد. يريد أن المرأةَ إذا ولدت يموتُ أولادُها فلا يبقى لها ولد؛ يقال: امرأة مِقْلاَت. بين شيخ من بني نمير وقوم من الجن المسلمين بلغني عن شيخ منِ بني نُمير أنه قال: أضْللْت أباعر لي بالشُرَيفِ فخرجتُ في بُغَائِها فذأبْتُ أيامًا فأمسيتُ عشيَّةَ بواب مُوحِش وقد كدَدْتُ راحلتي فاختليتُ لها من الشجر وأصبتُ لها من الماء ثم قيَدتُها واضجعتُ مغمومًا، فلما جَرى وسَنُ النوم في عيني إذ هَمس قَدمٌ قريبًا مني، فانتبهتُ فزِعًا وإذا شيخ يتنحنح وهو يقول: لا رَيْعَة عليك! ثم سلّم وجلس؛ ثم جاء آخر وآخر حتى تألّفوا أربعة فقالوا: ما بك أيها المسلم. فقلت: أضللتُ أباعِرَ لي وأنا في طلبها؛ منذ أيام. فقال لي الأول منهم: كُنّ لك ما كنّ، وقد ودعنَ فبِنّ، وصِرنَ حيث صِرنَ، فلا تتعَنّيَن. فاجترأت على المسألة فقلت: أمِن الخافيةِ أنتم نشدتكم بإلهكم؟. قالوا: نعم وإلهنا إلهكم واحدة فقلت: علموني مما علمكم الله شيئًا أنتفع به. قالوا: إذا أردتَ حِفظَ مالِكَ فاقرأ عليه: "إن رَبكُمُ اللُّه الذِي خَلَقَ السموَاتِ والأرضَ في سِتَةِ أيامٍ ثم اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش"إلى آخر ثلاث الآيات، وآية الكرسي، وإذا أمسيتَ في خَلاءٍ وحمَك فاقرأ المعوَذتين، وإن حببتَ ألا يعبَثَ بك ولا بأهلك وولدك عابثٌ منا فعليك بالديكِ الأبيض؛ واجعل في حجور صبيانك بَرِيمًا، يعني خيطًا من صوف أبيض وأسود، واحتَشُوا بالإذخر يُنشر في الصوف. فحدثوني كحديثنا تلك الليلة، فلما أصبحت رجعتُ. قال المدائنيّ: كانت وفاةُ زِياد بالعَرْفَةِ ظهرتْ في إصبعه، واشتد عليه الوجع فجمع الأطباء فشاورهم في قطع إصبعه، فأشار عليه بعضهم بذلك، وقال له رجل منهم: أتجد الوجعَ، الإصبع أم تجده في قلبك والإصبع؟ قال: في قلبي وفي إصبعي. قال: عِش سليمًا ومُتْ سليمًا. وأمره أن يَغمِسها في الخّل، فكان ذلك يُخفف عنه بعضَ الوجع، فمكث بذلك سبعة عشر يومًا ثم مات؛ وسَمِع أهل الحبس ليلةَ مات قائلًا يقول: أنا النقادُ فوق الرقْيَة قد كفيتُكم الرجلَ. والعرب تدعو الطاعونَ رماحَ الجن. للنبي صلى الله عليه وسلم في الطاعون وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم"إنه وَخْزٌ من الجنّ"يعني الطاعونَ. واللهّ أعلم. صورة ما جاء بخاتمة الجزء الرابع من النسخة الخطية التي نقل عنها الأصل الفتوغرافي تم كتاب الطبائع وهو الكتاب الرابع من عيون الأخبار لابن قتيبة ويتلوه في الكتاب الخامس كتاب العلم. والحمد للّه رب العالمين وصلاته على خير خلقه محمد النبي وآله وصحابته وأهل بيته أجمعين. وكتبه الفقير إلى رحمة الله تعالى إبراهيم بن عمر بن محمد بن علي الواعظ الجزري وذلك في شهور سنة أربع وتسعين وخمسمائة هجرية. إلى هنا ينتهي آخر القسم المطبوع من هذا الكتاب بمدينة غوتنغن سنة 1899 م. وسنعتمد في مراجعة الجزء الخامس إلى آخر الكتاب على الأصل الفتوغرافي، وعلى المصادر التي يعول عليها في تصحيح الكتاب. جاء بعد خاتمة الجزء الرابع من النسخة الخطية التي نقل عنها الأصل الفتوغرافيّ ما يأتي: لسديف مولى بني هاشم يناجي ربه كان سُدَيف مولى بني هاشم يقول: اللهم إنه قد صار فينا دولةً بعد القِسْمة، و"إمارتنا غلبةً بعد المشورة؛ وعهدُنا ميراثًا بعد الاختيار للأمة، واشْتُرِيت الملاهي والمعازف بسهم اليتم والأْرْمَلَة؛ وحَكَمَ في أبشار المسلمين أهلُ الذمة وتولى القيام بأمورهم فاسقُ كل محلة. اللهم وقد استحْصَدَ زرعُ الباطل، وبلغ نُهْيتَه، واستجمعَ طريدهُ، اللهم فافتح له من الحق يدًا حاصدة تُبدَد شملَه، وتُفرق نامَته، ليظهر الحق في أحسن صوره، وأتم نُوره. والسلام. دعاء في التوقي من ظلم السلطان وقيل: كانوا يتوقَون ظُلمَ السلطان إذا دخلوا عليه بأن يقولوا هذا الدعاء: "باسم اللّه،"إني أعوذُ بالرحمنِ منكَ إن كُنْتَ تَقِيًّا"،"اخْسَئُوا فيها ولا تُكَمون"، أخذت سمعك وبَصرَك بسمع الله وبصره، وأخذتُ قوّتكَ بقوة اللهّ، بيني وبينك ستْرُ النبوة الذي كانت الأنبياء تَستتر به من سَطَوات الفراعنة؛ جبريلُ عن يمينك، وميكائيلُ عن شِمالك، ومحمد أمامك، والله مطل عليك يَحجزك مني ويمنعني منك. والسلام". كتاب عمر بن عبد العزيز إلى بعض عماله يعظه وكتب عُمر بنُ عبد العزيز إلى بعض عَمَاله: "أما بعد، فإذا دعتك قدرتُك على الناس إلى ظلمهم، فاذكُرْ قدرةَ اللّه عليك ونَفَادَ ما تأتي إليهم، وبقاءَ ما يأتون إليك. والسلام".
وقَدِم رجلٌ من بعض النواحي فقيل له: كيف تركتَ الناس؟ قال: مظلومًا لا يَنْتَصِر، وظالمًا لا ينْتَهَر. والسلام. شعر في الحبس في الحبس: ما يدخُلُ السجنَ إنسانٌ فتسألُه *** ما بالُ سجنِك إلا قال مظلومُ وقال بعض المُحَدِثين: إن الليالي التي شُغِفتُ بهـا *** غيبها الدهرُ في تقـلُـبـه للّه أمري ما ملتُ قط إلـى *** شيء بقَلْبِي إلا فُجِعتُ بـه عرفتُ حظي من الزمان فلا *** ألوم خَلْقًا علـى تـجـبـه وكل سَهْم أعمدتُه وقَـفـتْ *** به الليالي حتى رُمِيتُ بـه بين عبد الملك بن مروان ورجل من الخوارج وحُكي أن عبد الملك بن مروان أتَوْهُ برجل من الخوارج فأراد قتله، فأدخل على عبد الملك ابن له صغير وهو يبكي؛ فقال الخارجي: دعه يا عبدَ الملك، فإن ذلك أرحب لشدقه، وأصح لدماغه، وأذهب لصوته، وأحرى ألاَ تأبى عليه عينه إذا حَفَزَتْهُ طاعةُ الله فاستدعى عَبْرتها. فأعجب عبدُ الملك بقوله وقال له متعجبًا: أمَا يشغلك ما أنت فيه عن هذا؟ فقال: ما ينبغي أن يَشغَل المؤمنَ عن قول الحق شيءٌ. فأمر عبدُ الملك بحبسه، وصَفَحَ عن قتله.
|